مستخلص البحث
تم إنشاء بنك السودان بموجب القانون الخاص به في العام 1959 كبنك مركزي له علاقه مباشرة بالبنوك الأخرى تتمثل في مختلف الجوانب المتعلقة بالترخيص، السياسة النقدية والرقابة على النقد.
ولقد وجد بنك السودان هيكلاً مصرفياً بتكون من سبعة مصارف أجنبية وبنك وطني واحد، وبمتابعة توسع وإنتشار الخدمات المصرفية خلالالفترة 1960 – 1995م أتضح أنه مر بمراحل عديدة تمثلت في التصديق على إنشاء بعض البنوك التنموية والتجارية، تأميم البنوك الأجنبية ودمج بعض المصارف القائمة حتى وصل عدد البنوك العاملة بالبلاد حوالي 28 بنكاً منها (4 فروع لبنوك أجنبية) وحوالي 658 فرعاً متمركزة في ولايتي الخرطوم والوسطى ويعزي ذلك للمشاكل والمعوقات العملية التي تواجه انتشارها في الريف.
نشأ بنك السودان في ظل نظام تقليدي وكانت بادرة تطبيق إسلام الجهاز المصرفي هي إنشاء بنك فيصل الإسلامي وتبعه بعد ذلك بنك التضامن الإسلامي، البنك الإسلامي السوداني، بنك الغرب الاسلامي ثم بنك البركة السوداني. في العام 1984م أصدر بنك السودان توجيهاته بالتحول نحو الصيغ الاسلامية التي واجهت تطبيقها في ذلك الوقت الكثير من الصعوبات والمشاكل سواء كانت تتعلق بالتوجيهات الصادرة من البنك المركزي او بالتطبيق العملي من جانب البنوك الأخرى خاصة فيما يتعلق بالصيغ التمويلية (كالعائد التعويضي).
وحتى يتمكن البنك المركزي من توحيد وإحكام التوجيهات الصادرة منه وملاءمتها لحكام الشريعة الإسلامية قام بطرح مفهوم تعميق إسلام الجهاز المصرفي منذ عام 1991م وعمل على تطوير وبلورة الصيغ التمويلية لاسيما صيغة المرابحة، وبرز دور البنوك التجارية الأخرى في بلورة بصيغة السلم (البنك الزراعي السوداني) ولقد واجهت تطبيق هاتين الصيغتين اعتراضات ومشاكل ومعوقات ارتبطت بالنواحي الشرعية والعملية وفيما عدا ذلك لم يكن لبنك السودان دوراً واضحاً في بلورة الصيغ الاسلامية الأخرى للتمويل بل تركها للإجتهادات الفردية في البنوك الأخرى.
ولقد قام البنك المركزي بإصدار عدد من السياسات النقدية والائتمانية والإشراف على تنفيذها، والتي تميزت بإتباع سياسة تتفاوت بين التحكمية والانفتاحية، قامت كلها على أساس التعامل بسعر الفائدة، خلال الفترة 1960-1984م ولم يواكب تطبيق هذه السياسات تطور في البنيات الأساسية لتشجيع العمل المصرفي من سوق للأوراق المالية وأدوات للإستثمار المصرفي من كمبيالات وأذونات وخلافها.
أما السياسية النقدية والإئتمانية خلال الفترة 1984-1997م فقد واكبها تطبيق النظام المصرفي الإسلامي الذي قضى بمنع التعامل بسعر الفائدة واستخدام البنك المركزي من الأدوات ما يمكنه من تنفيذ ذلك وبما لا يتعارض مع الشريعة الاسلامية كتحديد نسبة الاحتياطي النقدي والقانوني وضوابط تنظيم السيولة واحكام الرقابة على النقد الاجنبي. واعتمدت السياسة التمويلية التي تحدد السقوف القطاعية وهوامش المرابحات ونسب المشاركات كأدوات للرقابة والتوجيه القطاعي للتمويل ولكن ظلت هذه السياسات قاصرة في جانب جذب الودائع وخلق الأجهزة والكيانات المساعدة لعمل المصارف بالبدائل الاسلامية للأدوات الربوية. ومازالت مجهودات بنك السودان مستمرة في هذا الصدد من إنشاء سوق الخرطوم للأدوات المالية وصندوق ضمان الودائع التي مازالت في بداياتها. ومازال الدور الاشرافي والرقابي لبنك السودان ضعيفاً ويظهر ذلك من شح السيولة التي تعاني منها كثير من المصارف التجارية واعتماد لجوئها لبنك السودان لسد العجز في سيولتها، مما أفقد البنك المركزي فاعليته كمقرض أخير للجهاز المصرفي، ومن الناحية الأخرى لم ينعزل البنك المركزي عن السياسات المصرفية العالمية التي تهدف إلى خلق اجهزة مصرفية قوية وفاعلة وخاصة فيما يتعلق بلجنة بال، إذ سرعان ما كون لجنة لدراسة هذه المقررات وخرجت بما يعرف بمشروع توفيق الأوضاع والذي تم تنفيذه اعتباراً من 1/7/1994م وهو يهدف من خلاله إلى تحقيق أربعة إصلاحات جوهرية تتمثل في الإصلاح المالي، الإصلاح الإداري، الإصلاح الفني والإصلاح القانوني. وقد بذلك البنوك جهوداً مقدرة في تنفيذ هذا المشروع واشارت الدراسة الى ذلك فيما يختص بإنتشار الجهاز المصرفي. وبعد إنتهاء فترة المشروع في 1/7/1997م إتضح أن بعضها نجح في توفيق أوضاعه أما التي لم تتمكن من ذلك فقد سمح لها بالتوفيق خلال فترة أخرى تنتهي بنهاية عام 1997م.
السودان - الخرطوم - شارع الجامعة - العنوان البريدي ص.ب 1880 الخرطوم
T: (00249) 155 - 144913
T2: (00249) 18377171600- 2491
F: (00249) 183780 - 913
E: crpc@sabfs.edu.sd